دلالات إشادة الخارجية الأمريكية بإصلاح مدونة الأسرة في المغرب

<p style="text-align: right;">حظي ورش إصلاح مدونة الأسرة في المغرب باهتمام دولي لافت، حيث جاءت إشادة نائب رئيس المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية، إيلان بيرمان، لتؤكد على ريادة المملكة في العالم الإسلامي في مجال تعزيز المساواة بين الجنسين ومواكبة التحولات الاجتماعية والاقتصادية، وهي الإشادة التي تحمل عدة دلالات تستحق الوقوف عندها، سواء على المستوى الداخلي أو في سياق تموقع المغرب على الساحة الدولية.</p>
<p style="text-align: right;">وفي هذا السياق، أوضح الباحث والمفكر عبد الوهاب رفيقي في تصريح لـ"أخبارنا" أن التعديلات التي أدخلت على مدونة الأسرة جاءت استجابة لاحتياجات داخلية محضة، وليست نتيجة لأي ضغوط أو أجندات خارجية، حيث قال؛ "المغرب في إطار تعديله لمدونة الأسرة انطلق من احتياجات داخلية محضة، لأن المجتمع المغربي حصل به من التطورات والتغيرات والتحولات ما جعله محتاجا لهذا التعديل وإصلاح كثير من الاختلالات التي شابت تطبيق مدونة الأسرة لمدة 20 سنة".</p>
<p style="text-align: right;">وأشار رفيقي إلى أن، "إشادة الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها رغم أنها مهمة وتثمن الجهد الكبير الذي قام به المغرب في إصلاح هذا الورش، إلا أنه لم يكن باعثا أبدا، ولا كانت هذه التعديلات خاضعة لأجندات أمريكية أو غربية عموما كما يروج لذلك البعض"، مشددا على أنها احتياجات داخلية ماسة، وهو مشروع وطني محض، روعيت فيه مصلحة الأسرة المغربية ومصلحة المجتمع المغربي دون اعتبار أي إملاءات خارجية، والدليل على ذلك أن المغرب تحفظ على المضي في بعض المقترحات لما رأى أنها تتصادم مع هويته الدينية ومع خصوصياته".</p>
<p style="text-align: right;">ويعكس تصريح رفيقي بوضوح مدى استقلالية القرار المغربي في تدبير قضاياه الداخلية، وهو ما يعزز الثقة في النهج السيادي الذي تعتمده المملكة في إصلاحاتها الكبرى، حيث تتم مراعاة المصلحة الوطنية أولا وأخيرا، كما أشار إلى أن المدونة المغربية تعد اليوم واحدة من أكثر القوانين تطورا في العالم العربي والإسلامي، بالنظر إلى توازنها بين مقتضيات العصر واحترام الخصوصيات المحلية.</p>
<p style="text-align: right;">وفي هذا الصدد قال رفيقي: "صحيح أن مدونة الأسرة كما جاء في التعليق الأمريكي تدل على مكانة المغرب وريادته في العالم الإسلامي، بحيث يمكن أن أقول بكل موضوعية إن قانون الأسرة المغربي هو أفضل القوانين العربية والإسلامية على الإطلاق، وهو نموذج يُقتدى به ومدرسة يمكن التعلم منها، رغم أنه هو أيضاً قانون خاضع للنقد، يحمل معه إمكانية التعديل كلما استجدت قضايا جديدة أو ظهرت إشكالات حديثة. إذن، باختصار، مشروع مدونة الأسرة هو مشروع وطني نابع من حاجة داخلية، وإذا وقعت الإشادة به من أي أطراف أخرى، فهذا تثمين له ورفع من قيمته".</p>
<p style="text-align: right;">&nbsp;</p>
<p style="text-align: right;">وتعزز هذه القراءة حقيقة أن المغرب، رغم انفتاحه على التجارب الدولية، يظل متمسكا بهويته الخاصة، حيث لم يتبن أي مقترح يتعارض مع ثوابته الدينية والثقافية، كما أن الإشادة الأمريكية، وإن كانت شهادة دولية على نجاح المملكة في إدارة هذا الورش الإصلاحي، فهي في الوقت ذاته مسؤولية إضافية لمواصلة العمل على تحسين هذا الإطار القانوني، بما يخدم الأسرة المغربية ويحافظ على ريادة المغرب في هذا المجال الحيوي.</p>

مؤلف المقال :

:المصدر